مع الحديث الشريف
كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من
برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين
روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي
إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
"ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ
أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي
وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ"
وقال: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ وَأَنَا أُضَحِّي
بِكَبْشَيْنِ"
وقال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ:
"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكَفَأَ
إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ"
جاء في فتح الباري لابن حجر
قَوْله: ( كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ)
هَكَذَا فِي هَذِهِ الطَّرِيق، وَقَائِل ذَلِكَ هُوَ
أَنَس، وَهَذِهِ الرِّوَايَة مُخْتَصَرَة وَرِوَايَة أَبِي قِلَابَةَ
الْمَذْكُورَة عَقِبهَا مُبَيَّنَة، لَكِنْ فِي هَذِهِ زِيَادَة قَوْل
أَنَس أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ، وَفِيهَا
أَيْضًا إِشْعَار بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ
قَالَ الضَّأْن فِي الْأُضْحِيَّة أَفْضَل.
قَوْله فِي رِوَايَة أَبِي قِلَابَةَ: (إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ)
الْأَمْلَح بِالْمُهْمَلَةِ: هُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَاد
وَبَيَاض وَالْبَيَاض أَكْثَر، وَيُقَال هُوَ الْأَغْبَر وَهُوَ قَوْل
الْأَصْمَعِيّ، وَزَادَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الْأَبْيَض الَّذِي فِي خَلَل
صُوفه طَبَقَات سُود، وَيُقَال الْأَبْيَض الْخَالِص قَالَهُ اِبْن
الْأَعْرَابِيّ، وَبِهِ تَمَسَّكَ الشَّافِعِيَّة فِي تَفْضِيل الْأَبْيَض
فِي الْأُضْحِيَّة، وَقِيلَ الَّذِي يَعْلُوهُ حُمُرَة، وَقِيلَ الَّذِي
يَنْظُر فِي سَوَاد وَيَمْشِي فِي سَوَاد وَيَأْكُل فِي سَوَاد وَيَبْرَك
فِي سَوَاد، أَيْ أَنَّ مَوَاضِع هَذِهِ مِنْهُ سُود وَمَا عَدَا ذَلِكَ
أَبْيَض وَاخْتُلِفَ فِي اِخْتِيَار هَذِهِ الصِّفَة: فَقِيلَ لِحُسْنِ
مَنْظَره، وَقِيلَ لِشَحْمِهِ وَكَثْرَة لَحْمه، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى
اِخْتِيَار الْعَدَد فِي الْأُضْحِيَّة، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيَّة
إِنَّ الْأُضْحِيَّة بِسَبْعِ شِيَاه أَفْضَل مِنْ الْبَعِير لِأَنَّ
الدَّم الْمُرَاق فِيهَا أَكْثَر وَالثَّوَاب يَزِيد بِحَسْبِهِ، وَأَنَّ
مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّي بِأَكْثَر مِنْ وَاحِد يُعَجِّلهُ وَحَكَى
الرُّويَانِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة اِسْتِحْبَاب التَّفْرِيق عَلَى أَيَّام
النَّحْر، قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا أَرْفَق بِالْمَسَاكِينِ لَكِنَّهُ
خِلَاف السُّنَّة، كَذَا قَالَ وَالْحَدِيث دَالّ عَلَى اِخْتِيَار
التَّثْنِيَة، وَلَا يَلْزَم مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّي
بِعَدَدٍ فَضَحَّى أَوَّل يَوْم بِاثْنَيْنِ ثُمَّ فَرَّقَ الْبَقِيَّة
عَلَى أَيَّام النَّحْر أَنْ يَكُون مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ وَفِيهِ أَنَّ
الذَّكَر فِي الْأُضْحِيَّة أَفْضَل مِنْ الْأُنْثَى وَهُوَ قَوْل أَحْمَد،
وَعَنْهُ رِوَايَة أَنَّ الْأُنْثَى أَوْلَى، وَحَكَى الرَّافِعِيّ فِيهِ
قَوْلَيْنِ عَنْ الشَّافِعِيّ أَحَدهمَا عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيّ
الذَّكَر لِأَنَّ لَحْمه أَطْيَب وَهَذَا هُوَ الْأَصَحّ، وَالثَّانِي
أَنَّ الْأُنْثَى أَوْلَى، قَالَ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا يُذْكَر ذَلِكَ
فِي جَزَاء الصَّيْد عِنْد التَّقْوِيم، وَالْأُنْثَى أَكْثَر قِيمَة فَلَا
تُفْدَى بِالذَّكَرِ، أَوْ أَرَادَ الْأُنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِد.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْأَصَحّ أَفْضَلِيَّة الذُّكُور عَلَى
الْإِنَاث فِي الضَّحَايَا وَقِيلَ هُمَا سَوَاء، وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب
التَّضْحِيَة بِالْأَقْرَنِ وَأَنَّهُ أَفْضَل مِنْ الْأَجَمّ مَعَ
الِاتِّفَاق عَلَى جَوَاز التَّضْحِيَة بِالْأَجَمِّ وَهُوَ الَّذِي لَا
قَرْن لَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَكْسُور الْقَرْن. وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب
مُبَاشَرَة الْمُضَحِّي الذَّبْح بِنَفْسِهِ وَاسْتُدِلَّ عَلَى
مَشْرُوعِيَّة اِسْتِحْسَان الْأُضْحِيَّة صِفَة وَلَوْنًا، قَالَ
الْمَاوَرْدِيّ: إِنْ اِجْتَمَعَ حُسْن الْمَنْظَر مَعَ طِيب الْمَخْبَر
فِي اللَّحْم فَهُوَ أَفْضَل، وَإِنْ اِنْفَرَدَا فَطِيب الْمَخْبَر
أَوْلَى مِنْ حُسْن الْمَنْظَر
لا زلنا مع الأضحية والمضحّين ......نتتبع أحاديث المصطفى
ونتعلم منه ونهتدي بهديه .. وحديث اليوم يبيّن لنا بعض ما يُفضَّل في
الأضحية ...من حيث نوعها وصفاتها .....وما يندب للمضحي أن يقوم به عند
النحر ....فيندب له أن يسمي الله ويكبر ...وأن يذبح أضحيته بنفسه ....
إن مسألة ذبح المضحي لأضحيته بنفسه وإن كانت على الندب،
إلا أنها تصبح مسألة حيوية إذا كان السبب في دفع المضحّي أضحيته لغيره
ليذبحها نيابة عنه ....أنه لا يطيق رؤية كائن حي يذبح .....أو أنه لا يطيق
رؤية دم يسفح .....حينها تصبح المسألة طامّة كبرى.
فهل يليق بأمة مجاهدة أن يكون فيها من لا يطيق الذبح أو
لا يطيق رؤية الدم المسفوح حتى لو كان دم حيوان؟ هذا ليس من شيم أمة محمد،
أمة التضحية والجهاد .... لكننا بتنا مؤخرا نرى ونسمع من أمثال هؤلاء,
نراهم يهربون من رؤية الذبح، أو نسمعهم يقولون لن أذبح أضحيتي بنفسي لأنني
لا أطيق رؤية الدم ....أو لا أطيق رؤية عملية الذبح .....فيا حسرتاه على
رجال الأمة.
لقد أنفت نساء دولة الخلافة من عملكم هذا وتعالت عليه،
فشهدت نحر أضحياتها بل إن بعضهن ذبحتها بنفسها ....مهللة مكبرة تبتغي
التقرب إلى الله ونيل رضوانه
إن توكيل من يذبح عن المضحي جائز ....وذبحه لأضحيته بنفسه
مندوب وليس فرضاً ...لكن العبرة هي في التأسي بالرسول والمسارعة لما ندبنا
إليه أولاً.
وثانيا: وهو بيت القصيد، استعدادنا لخوض غمار الحياة في
كل الظروف، وإراقة الدم أي دم ما دام في سبيل الله وقربة إلى الله ....سواء
في ساحات الوغى أو في ذبح الأضحيات ...فمن لا يقدر على إراقة دم أضحية
تقربا إلى الله، فكيف سيقدر على قتل الأعداء غدا في ساحات الجهاد؟!
لا تخدعنكم مقولة الأعداء: "إن الإسلام إرهابي محب لسفك
الدماء" ، فإنما نحن نسفكها تقرباً إلى الله وفي سبيل نشر دينه وإعلاء
كلمته ....أما هم فيسفكونها في سبيل نزواتهم وتحقيق أطماعهم .. وشتانَ بين
الفعلين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.